السلام عليكم.. عودًا حميدًا وأرجو من الله أن نستمر فيما ينفع.. تدوينة اليوم خطرت قبل النوم واستيقظت في اليوم التالي جادة، وأراها تخدم نيتي رسائل إلى أختي الوسطى، تجمع أمورًا كثيرة.. ونشرتها لتعم الفائدة بإذن الله
هذه الرسائل من أختٍ كبرى محبّة.. أُهديها إلى أختي الوسطى، وبنظري الكبيرة والذكية والفاهمة، وإلى كل البنات الذكيات اللاتي في سنّها، اجمع لكنّ هذه المصابيح تأكيدًا على المبادئ الثابتة الصحيحة والتي يصعب تبديلها وندر -مع الأسف- وجودها في برامج الجوال. واسأل العليم بالنوايا أن يوفقني لتبسيط الأفكار، وأن تصل للقلوب والخواطر، وأن تنتشر عند أهل الأمصار.
الله ورسوله ﷺ
ابدأ حديثي معك عن مَن هدانا ومنّ علينا بالنعم عزّ وجلّ، فلولاه ما رُزقت بالعقل وبالصحة الجيدة والبصر الجيد، ومنّ علي وعلى والدي بالمال الكافي لأشتري هذا الجهاز واشتري الكتب التي نفعتني في فهم الرسائل، ولولاه سبحانه لَما قرأتِ هذه الأسطر فقد منّ عليكِ بنعم كثيرة في جسمك وفيما حولك مما تلمسين وترين، زادنا الله وإياكِ وبارك لنا وجعل نعمه علينا فيما يحبّ منا عمله، وتجنّب ما يكره.
فمهما عملنا من الطاعات ما شكرنا الله سبحانه حق شكره على ما رزقنا من قبل وما رزقنا الآن، وما سيرزقنا، يقول سبحانه في كتابة الكريم: {وما قدروا الله حق قدره}. فمن أنواع الرزق التي رزقنا إياها، نوع عام يشمل الناس جميعهم وهو طريق الهداية كإرسال الرسل، ونوع خاص للمسلمين، ونوع لكل مسلم لوحده وهكذا، فكانت هداية قلوبنا لدين الإسلام أعظم وأجلّ النعم التي رزقنا الله، بعدها نعمة إرسال نبي الهدى، ثم كل شخص بعدد النعم التي عنده، قال الله عز وجلّ: {وإنّ تعدّوا نعمة الله لا تحصوها} مهما عددنا النعم ووصلنا للمئة والألف.. فإنها أكثر وأكثر مما نعد!
فرزقنا الله أفضل نعمة وأجّلها أن دعانا لدينه وتوحيده عن طريق رسوله محمد بن عبدالله صلّ الله عليه وسلم، فرسوله أكمل الخلق في كل شيء في الإخلاق فهو أحسن عباد الله أخلاقًا، مثل تواضعه وتبسّمه للناس وتلطّفه معهم، قال تعالى: {وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم} وفي العبادة كان أكثرَ خلق الله تعبدًا كان يتعبد الله بالعبادات المفروضة والنوافل في ليله ونهاره، وأكثر خلق الله ذكرًا لله بلسانه، قال تعالى في كتابه العزيز: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} أسوة بمعنى قدوة حسنة لكم، تتبعونه في كل ما جاء عنه في الأحاديث الصحيحة، وأمرنا الله بإتباعه فقال تعالى: {قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله…} أي: قل لهم يا محمد إن كنتم تحبون الله فاتبعوني، وأنه ﷺ شرح لنا -بفضل الله سبحانه- الدين كاملًا والعبادات كاملة، ولم ينقص منه شيء -حاشاه-، فتمسّكنا بهذا الدين يوصلنا للجنّة ونعيمها.
لماذا نصلّي مسرعين دائمًا؟
الصلاة يا حبيبتي فضلها عظيم، فضلٌ في الدنيا وفضلٌ في الآخرة، ففي الدنيا استمرارك وحرصك عليها دليلٌ على تعظيمك لله سبحانه، ورجائك الفوز بجنته وخوفًا من عذابه، والله يعلم ذلك منك فيثبتك الله على العبادة، فالله يرى ويعلم اهتمام قلبك واستئذانك من الجالسين معك وذهابك لمكان هادئ حتى تصلي، ويعلم تأجيلكِ لوقتكِ الممتع وقيامك إلى سجادتكِ كل مرة! تقبل الله مني ومنك. وفي الآخرة، للمحافظين على الصلاة أجرٌ عظيم قال الحقّ سبحانه في صفات المؤمنين عشر صفات ومنها: {والذين هم على صلواتهم يُحافظون (٩) أولئك هم الوارثون (١٠) الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدين} يتنعمون في أعلى مراتب الجنة العظيمة! ما أعظمه من ثواب من الكريم سبحانه!
فكلما حرصتِ على قيامك بالصلاة، ولم تنامي عنها وحرصتِ أن تقومي وتصليها في وقتها، وتجددين القراءة أو السماع عن فضلها في آيات القرآن الكثيرة التي تصف حال المصلّين، وأحاديث رسول الله ﷺ ، ونويتي أن لا تتركي سجدة إلا وتدعين يا رب اجعلني أحافظ على الصلاة، فأنتِ تحبين الصلاة، ومَن يحب الصلاة يهمّه رضا الله عنه، ويهمه أن يفوز بالفردوس.
وقد تمر أيام تجدين في نفسك تكاسلًا أو تقصير، كتأخيرها قليلا ضمن وقت الصلاة لا خارجها (غير وقتك المعتاد الذي تصلينها به) ظروف مثل تجمعات عائلية وغيرها، لا تخافي وعودي إلى ما كنتِ عليه من حرص واجتهاد. وجانب لطيف: وربما تجدين نفسك وسط هذه الظروف حريصة على الصلاة، وتستغربين من نفسك كيف لمْ تشغلكِ هذه الظروف؟ الجواب ببساطة، ضبطتِ حرصك على الصلاة وزدتِ من حبّك لها في وقت راحة، فلم ينقص حرصك ولا حبك في وقت ضغط. اللهم اجعلني وإياهن من المحافظين على الصلاة.
قدّمي واحسني..وإن قصّر الناس
أحقّ الناس بإحسانك هم والديكِ بلا شك، ولا يسبقهم بحقّهم صديقة أو جارة أو خالة ولا عمّة. أنا وأنتِ نعرف فضل والدينا الذي أمرنا ربُّنا سبحانه به وبتقديمه لهما، قال تعالى في كتابه العزيز: {وقضى ربُّكَ ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندكَ الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا} ألخّص لكِ قول العلماء رحمهم الله [المصدر تفسير الطبري رحمه الله]: أي لا تتأففي على ما ترين منهما مما يتأذّى منه الناس، بل اصبري واحتسبي الأجر كما صبروا عليكِ في صغرِك. والقول الكريم هو أحسّن ما تجدي من القول وأجمله خصّي به والديكِ. وذكروا حكمة تقول: مَن أرضى والديه أرضَ خالقه، ومَن أسخَطَ والديه فقد أسخَط خالقه.
ومن صور البر: طاعتهم فيما يأمروننا به (في غير معصية الله سبحانه)، سماع حديثهم كاملًا وعدم مقاطعتهم، والرد بأحسن الردود عليهم مثل أبشر أبشري، إن شاء الله، مساعدتهم فيما تستطيع عمله مثل الطبخ عن الوالدة وكسب راحتها ودعواتها، ومساعدة الوالد في العمل أو قيادة السيارة عنه وغيرها الكثير من المساعدة.
البر كما ذكرت أعلاه قد يبدو سهلاً، ولكن في حقيقته ليس سهلا، مثل أن الفوز بالجنة ليس سهلًا! دائمًا أقول لنفسي “إذا بغيت أروق واضبط قهوتي ومعها كتابي او ما يسليني، ثم نادتني أمي أو أبوي، فهي فرصة للجنة، فرصة أتعلّم الصبر على برّهم. والقهوة غيرها قهوات. وللأسف أحيانًا اضجر ولكن أمسك وجهي قبل أجي عندهم وانتبه ما يبين علي، والله سبحانه يعلم نيتي” وهكذا أُجاهد نفسي دائمًا، أو تطلب منك شي قبل وقت نومك، أو تعطيك شغل منزلي لا تحبينه أو ثقيل عليك ووو، فاحتسبي الأجر على الله واضغطي على نفسك، والله يعلم محاولاتك ويُجازيكِ الكريم بالثواب العظيم.
ملخص الحديث
- نعم الله علينا لا تعدّ ولا تحصى وأعظم نعمة أن هدانا للإسلام، وأفضل خلق الله رسوله محمد بن عبدالله ﷺ.
- أفضل خلق الله في الأخلاق، وفي التعبد، محمد ﷺ، جعله الله لنا أسوة وقدوة حسنة، وأمرنا باتباعه حتى ندخل الجنة.
- شرح لنا رسول الله محمد ﷺ بفضل الله الدين كاملًا، بكل العبادات والمحرم من الأعمال.
- فضل الصلاة عظيم، فضلين في الدنيا والآخرة، وأعظم الفضلين هو الفوز بالفردوس الأعلى من الجنّة.
- ربما تجدين في نفسك تكاسلًا عن الصلاة لأي سبب، فعودي لما كنتِ عليه من حرص عليها، وربما تجدين حرصك أعلى في ظل الظروف، فاعلمي أنها ثمرة حرصك.
- من صور بر الوالدين، طاعتهم بما يأمروننا به، الرد عليهم بأحسن الردود، مساعدتهم بكل ما نستطيعه.
- بر الوالدين ليس سهلًا، لكنه فرصة كبيرة لي ولك في تعلّم الصبر على برهما، وعلينا أن نحرص أن نفدّم هذا البر لهما بوجه سعيد، وأن نحتسب أجر هذا العمل على الله الكريم.
الخاتمة
اعلمي يا عزيزتي أن هذه التدوينة لي ولك، قرأت كثيرًا من الكتب وشاهدت الكثير من الفيديوهات، منها ما يعلّمني ويُفهمني، ومنها ما يبعدني عن هذه الرسائل الهامة جدًا في حياتي. فتركت النوع الثاني لأني لم أجد فيها ما يساعدني في تحقيق هدفي الصحيح وهو (رضا الله).
ظننت نفع ونجاح الفكرة، واسأل الله أن يرزقني أفضل من ظني، وكنت قد استخرجت كثير من الأفكار، وقررت تقسيمها حتى نتجنب الملل، ونزيد التشويق، فاسعدوني بارائكم، وتعليقاتكم.
مقالة في القمة، حفظ الله أختك وكل بنات خواء. وجعلها في ميزان حسناتك.
إعجابLiked by 1 person
آمين يا رب، شكرا لك على تعليقك الجميل ❤️
إعجابإعجاب