Uncategorized · مراجعة كتاب

مراجعة كتاب: العدوان على العربية.. عدوان على الإسـلام!

السلام عليكم ، ومرحبا بكم. عدنا ونسأل الله أن تكون عودة خير ومواضيع نافعة لي ولكم، وأشكرلكم قراءاتكم التدوينات وأشكر المتابعين الجُدد وإن شاء الله تجدوا ما ينفعكم من تدوينات.

في هذه التدوينة سأذكر كتابًا قصيرًا وبالغ الأهمية في قراءته وتغيير كل واحدٍ منا لأسلوب حياته، وتصفية قدواته في مختلف المجالات، كقدوة في المجال العلمي أو الإعلامي وغيره.

كتاب العدوان على العربية.. عدوان على الإسلام!

غلاف كتاب العدوان على العربية عدوان على الإسلام، للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا رحمه الله.​
غلاف الكتاب العدوان على العربية عدوان على الإسلام، للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا رحمه الله.

عنوان صادم لمن يجهل أهمية ومكانة اللغة العربية في ديننا دين الإسلام، ومن يجهل ترابطهم، وكنت منهم بكل صراحة، وهو كتاب قصير في ٨٩ صفحة فقط، صدر سنة ١٣٩١هـ (الموافق لـ ١٩٧٢م حسب التاريخ المسيحي)، ومطبوع بصورة كتيب مربع الشكل تقريبًا. أبدع فيه الدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا -رحمه الله- في الرد على المشككين بلغة القرآن والداعين إلى إحلال لغات أخرى محل العربية الفصيحة، في مقالات -كما قرأتها- شديدة اللهجة وبعتاب شديد على معلمي وشباب الأمة الإسلامية وأجيالها، وتقصي إجمالي للتحولات في البلاد العربية.

اقتباسات وتعقيبات

العدو الذي يملك علماء يحطمون الذرة ويرتادون الفضاء ويُسخّرون قُوى الكون.. يملك طائفة من علماء الاستعمار لا يقلّون في قدراتهم عن علماء الكون والذرة نذروا أنفسهم لرسم الخطط التي يستذلون بها الشعوب ويستعبدون بواسطتها الامم. صـ١٨

تعقيب: بالفعل هذا تخطيط العدو من تحت الطاولة كما نقول، وفعلهم ظاهر كما في استعمارهم لبعض أو أغلب الدول العربية كالجزائر وتونس، إذ كثفوا جهودهم في القضاء على دينهم ولغتهم بكل ما استطاعوا من خطط وقرارات استمر بعضها لعقود.

ابتدأت محاربة لغة القرآن العربية بأن فرض الفرنسيون على أبناء الجزائر المسلمة لغتهم الفرنسية وحرّموا تدريس العربية في المدارس والمعاهد، وحاربوا القرآن على أنه كتاب العربية الأكبر، حتى لم يبق لهذه اللغة وقُرآنها من ملجأ إلا الكتاتيب وبعض المدارس الفقيرة ولولا أن تداركتها جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وعلى رأسها الشيخ عبد الحميد بن باديس لأصاب منها العدو مقتلا. صـ٢١

تعقيب: مثال واقعي على خطط العدو المستعمر، ونرى ونشاهد بقايا هذا الاستعمار الطويل. إنه تاريخ جزءٌ منا ومن عربيتنا جميعًا، فلابد من حفظه واستذكاره حتى تبقى جذوة استقباح العدو وأفعال العدو وقراراتهم مشتعلة في نفوسنا.

كانت حجج الدعاة إلى الأخذ بالعامية وإحلالها محل الفصحى تدور حول الأمور التالية: أولا: ذلك التباين الكبير بين لغة الكتاب ولغة الخطاب، مما يجعل العلم وقفًا على طائفة محدودة من الناس. ثانيًا: قصور الفصحى عن الوفاء بحاجات الحضارة المتجددة النامية يومًا بعد يوم. ثالثًا: صعوبة الفصحى، وتعذر اتقانها على الرغم من الجهود السخية التي تبذل في هذا السبيل. رابعًا: جمود الفصحى وعدم استعدادها للتطور. صـ٣١

تعقيب: أحسن الدكتور رحمه الله في الرد على هذه الأمور الأربعة، وأسهب في الثالثة والرابعة -وسيأتي ذكر مواطن قوة اللغة-، وقال: فإن الاخذ بأية عامية من هذه العاميات كعامية مصر أم عامية اليمن ام عامية الشام وغيرهم، يعزل العرب والمسلمين جميعهم عن العامية المصطنعة، ويحرمهم من الانتفاع بثمرات قرائح مواطنيهم في عالمهم الإسلامي الكبير.

نقول أن هذه اللغة اختُبرت في حياتها الطويلة ثلاث مرات فما ونت ولا ضعفت ولا قصّرت في الاختبار: الأولى: حين انزل الله كتابه الكريم، حيث نقلت هذه اللغة في طرفة عين من لغة أمة أمية بدوية إلى لغة ذات عقيدة، وشريعة، ونظم وثقافات. والثانية: يوم فتح العرب عيونهم على ثقافات اليونان، والهنود وفارس، فإذا بهذه اللغة تتسع لذلك كله وتهضمه. الثالثة: تجربة جامعة دمشق وهي تجربة ناجحة رائعة رائدة. صـ٨٠

هذه مواطن قوة اللغة العربية التي استهان بها العدو وقاموا بضربات خفية -كما سماها الدكتور رحمه الله- مثل من صـ٤٣-٤٦ بإختصار: دراسة الأدب العربي على أساس إقليمي أي أدبٌ شامي وأدبٌ عراقي وهكذا، ودعوتهم للعناية بالأدب الشعبي للدول في محاولة لإحياء العامية بدل الفصحى بطريقة غير مباشرة، واصطناع الشعر المنثور ونشره رغم نفور الناس منه وأظنه قصد شعر النثر بالعامية، وختم بإبقاء الفصحى مع إلغاء الإعراب من أواخر الكلم. وللأسف نجحت ضرباتهم الهدّامة.

ظهرت دعوة إحلال الحرف اللاتيني محل الحرف العربي في مطلع القرن العشرين، وكان من أوائل المبشرين بها القاضي الإنكليزي ويلمور، ثم تلاه مواطن عربي وهو عبد العزيز فهمي، والذي قدم مشروعًا كاملا ثم تلاه طائفة من الدعاة آخرهم سعيد عقل، وكانت حجة الداعين إلى الاخذ بهذه البدعة (بدعة إحلال الحرف اللاتيني محل الحرف العربي) هي أن رسم الكلمات بالحرف العربي لا تتيسر معه قراءة النصوص قراءة متسرسلة مضبوطة، وأن الشكل الذي استعاضت به العربية عن حروف الحركات قد اثبت الاستعمال عدم غنائه.

تعقيب: يشهد الله أن الصفحة التي وددت أن أطمسها باللون الأسود، فأحد هؤلاء اسمه سلامة موسى قال عن نفسه في كتابه اليوم والغد -كما ذكر الدكتور رحمه الله- صـ٢٩-٣٠: وكلما زادت معرفتي بأوربا زاد حبي لها وتعلقي بها وزاد شعوري بأنها مني وأنا منها، هذا هو مذهبي فأنا كافرٌ بالشرق مؤمن بالغرب. دونت على هامش الصفحة: انسلاخي مستشرق عن هوية الدين الإسلامي وهويته الثقافية، وهو مثال واقعي على تقديس العدو. عافانا الله وإياكم وأجيالنا من هذه الانهزامية المطلقة.

اللغة العربية: أعجوبة الأعاجيب!

إن اللغة العربية أعجوبة الأعاجيب في وضعها المحكم وبنائها الدقيق المنظم، فمن اتيح له أن يستجلي غوامضها ويقف على دقائقها، أيقن أن هذه اللغة الكريمة قد وُضعت بإلهام الحكيم جلّت قدرته وعلت كلمته. صـ٥٣

وكانت الفرية التي افتراها شياطين الأعداء على هذه اللغة أنها عقيم لا تلد، عجوز لا تقوى، بليدة لا تتطور، صعبة لا ترقى إليها الأفهام ولا تُدركها الأوهام. وظلوا يرفعون بهذه الشعارات وينادون بها.. حتى غدت في نظر كثير من المواطنين العرب حقائق لا يرقى إليها الشك، و مشكلات تحتاج إلى حلول عاجلة. صـ٢٥

تعقيب: بل إن اللغة العربية قوية تلد من الألفاظ ما لا تسعه أي لغة أخرى، ومثال ذلك في اللغة في قولنا عن الأموال باختصار صـ٥٥: فإن كان موروثًا يسمى تِلاد، وإن كان مكتسبًا فهو طارف، وإن كان مدفونًا في الأرض فهو رِكاز، وإن كان ذهبًا وفضة فهو صامت، وإن كان إبلًا وغنمًا فهو ناطق وغيرها من تعبيرات اللغة العزيزة، وهي سهلة الدراسة وممكنة الإدراك، إلا أننا صدّقنا شِعاراتِهم بأنها لغة عقيمة لا تقوى وصعبة الإلمام والدراسة، وحان الوقت أن نتدارك الأمر ونلحق بركب اللغة العزيزة الشامخة. يقول الأستاذ علي العمري -بتصرف-: لغتنا اليومية أقرب ما تكون للفصحى، يجب أن نتعلم النحو حتى نلملمها ونحسّنها، فتعلم النحو سهل وهو ليس كما ينطقه المعلمون بتقعّر وشدّة. وبالمناسبة، انشأ الاستاذ موقعًا يخدم المهتمين في تعلّم اللغة العربية، باسم لسان مبين https://lm.edu.sa/ في الموقع أقسام مختلفة ستفيد كل زائر مهتم بأيٍّ منها، وبعضها قادم قريبًا إن شاء الله.

واللغة العربية لغة ذات صيغ ثابتة للنطق، معلومة الدلالة، فما دل على مَن قام بالفعل من الثلاثي -وهو الفعل المكون من ثلاثة أحرف- صيغ على وزن فاعل معابد وحامد. وما دل على مَن وقع عليه الفعل، صيغ على وزن مفعول معبود ومحمود. وما يقال في اسم الفاعل واسم المفعول…يقال في اسم الزمان والمكان والآلة، والتعجب والتفضيل. صـ٥٩-٦٠

بإيجاز: إن اللغة العربية تتمتّع بخاصية الاشتقاق التي حُرمت منها جُلّ اللغات الحَيّة… وهي خاصية جعلت من لغة الضاد لغة منطقية، مما أدّى إلى ضبط نظامها واطّراد أي تسلسل وتتابع أحكامها. صـ٦٠

اقتباسات تأكيدية على خواص لغتنا، تؤكد لنا فردًا فردا أعجوبتها وأنها مصدر عزّ لا هرب. علّنا أن نسترجع حبّها في نفوسنا، و نقوّم رؤيتنا ورؤية إخواننا الصغار وأطفالنا لها، ونجعلها أهم شرط في قدواتنا المختارة.

خاتمة

ذكر الدكتور رحمه الله مقالًا أو جزءًا هامة بعنوان حقّ أبنائنا علينا -من صـ٦٧- ذكر فيها حقوقهم علينا وما يجب علينا أداؤه لهم في تحبيب وتسهيل اللغة العربية، فيقول صـ٦٨ : إن من حق أبنائنا علينا، أن نيسر لهم تعلّم هذه اللغة لا أن نُمنيّهم بتيسير اللغة نفسها، وأن نُعنى بهذه اللغة عناية كافية في مدارسنا وأن يتعاون المعلمون. واللهُ المستعان، وإلى هنا نكتفي من الاقتباسات، وأدعوكم وأوصيكم بقراءته ونشره.

أتمنى أعجبكم الكتاب وتنتفعون منه، وشاركوني تعليقاتكم.

انضمام 1٬836 من المتابعين الآخرين
الإعلان

4 رأي حول “مراجعة كتاب: العدوان على العربية.. عدوان على الإسـلام!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s