السلام عليكم، هذه تدوينة مختلفة من عنوانها، وأنصح أن تقرؤها لأهميتها
مقدمة
كلنا نعرف أن ديننا الإسلامي يغطي جميع أمور الحياة، وما نسميه بعاداتنا، من كيف تبيع هذا وهذا وكيف تشتري وماذا يحلّ لك وما حق المشتري، ماذا يحلّ لك أن تأكل وتشرب وكيف.
حتى التعامل مع الحيوانات، كيف نحسن إليها، وماذا نقول عند سماع صوت بعضها (كصوت الديك في الفجر).
فالأولى أن يسيطر ديننا على عاداتنا ويضبطها لنا، ويحسّن طريقتنا في العادات ويجعل لها معنى، يعني أن نطعم الحيوان بهدف الإحسان والتقرّب لله تعالى، والإحسان هو أن نعبد الله كأننا نراه، فإن لم نكن نراه فإنه يراك. يعني أن تستحضر أن الله -سبحانه وتعالى- يراك وأنت تجهز طعامه وشرابه، مثلما تستحضر أنه يراك وأنت تصلّي بين يديه.
أنا وسيمبا.. قطوتنا
انتقل سيمبا الحيوان الأليف والهادئ -ماشاء الله- لمنزلنا قبل ١٠ أشهر، في ثاني أيام عيد الفطر، يعني اجتمع العيد السعيد مع القطو الجديد، وفي الحقيقة إني كنت من أشد المعارضين بسبب عقدة في الصغر من القطط العصبية التي التقيتها في طفولتي الهادئة! والتي عكّرت صفو علاقتي من القطط منذُ ذلك الوقت!
مع مضي الأيام مع سيمبا… قلّ صراخي وفزعي بسببه، وبدأت تنفك العقد ويقل الخوف الكبير قليلًا قليلًا، مثل قللت المسافة التي تخيفني منه، يعني من ١٠ امتار -مجازًا- إلى خمس وهكذا، سمحت له -نفسيًا قبل واقعيًا- أن يقترب من أشيائي وطعامي ويتشممها بالشكل الذي يحبَ، أدركت أنه لا يعضّ أيدي البشر وهذه مصارحة حقيقية برغم براءتها الطريفة..
وقبل أسابيع تحسّن الوضع وأصبحت أضع له الماء، ويقترب مني ويتألفني بذيله الناعم عدة جولات من الدوران حولي.. ياه ما أنعمه وألطفه!! مع استمرار السماح باقترابه لطعامي وكتبي ليشبع فضوله، وأراني لا أبتعد كثيرًا عن لمسه واللعب معه، إلا إذا سعيت حثيثًا أن أبقى في هذه المساحة دون تغيير وهذا الذي أودّه حقيقةً. اعتقد انه خوف من كسر العقدة القديمة لا أكثر.
مع تحسنّ علاقتي به قبل أكثر من شهر -قطنا الذي في منزلنا- وبدأ عقلي يتذكّر حديث عن رسول الله ﷺ عن الهررة -اسم القطط الفصيح- وأنها مُستأنسة، ولا أذكر شرحًا ولا نص الحديث، وانشغلت.. وكلما نظرت للقطو البريء تذكّرت!!
إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات.
في الحديث الصحيح: أنَّ أبا قتادةَ دخلَ فسَكبت لَهُ وضوءًا فجاءت هرَّةٌ فشرِبَت منْهُ فأصغى لَها الإناءَ حتَّى شرِبَت، قالَت كبشةُ: فَرآني أنظرُ إليْهِ، فقالَ: أتَعجبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقُلتُ: نعَم، فقالَ: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ: إنَّها ليسَت بنجَسٍ؛ إنَّها منَ الطَّوَّافينَ عليْكم والطَّوَّافاتِ.
شرح الحديث من موقع الدرر السنية: قوله ﷺ: إنَّها ليسَتْ بنَجَسٍ”، أي: إنَّها حيوانٌ طاهرٌ، وليسَتْ فيها نَجاسةٌ؛ “إنَّها مِنَ الطَّوَّافينَ عليكم والطَّوَّافاتِ”، والطَّوَّافونَ والطَّوَّافاتُ هم الخَدَمُ، وسُمُّوا بذلك؛ لكثرةِ دُخولِهم وطَوافِهم في البيوتِ على مَوالِيهم، وشَبَّه بهم القِططَ لكَثْرةِ دُخولِها ووُجودِها في البيوتِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ القِطَّةَ مِنَ الحَيواناتِ الطَّاهرةِ المُسْتأنَسةِ
وهنا رابط الشرح عبر يوتيوب.
في كل كبدٍ رطبةٍ أجر
وفي الحديث الصحيح الذي يبين فضل الإحسان للبهائم: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: بَيْنا رَجُلٌ يَمْشِي، فاشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَنَزَلَ بئْرًا، فَشَرِبَ مِنْها، ثُمَّ خَرَجَ فإذا هو بكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ: لقَدْ بَلَغَ هذا مِثْلُ الذي بَلَغَ بي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ.
والمعْنى: في كلِّ شَيءٍ فيه رُوحٌ ثَوابٌ ما دام الإنسانُ يُحسِنُ إليه، وعَبَّرَ بالكَبِدِ؛ لأنَّها العُضوُ الَّذي يَحتاجُ إلى الماءِ، فإذا يَبِسَ هلَكَ الحَيوانُ؛ فكُلُّ بَهيمةٍ أحسَنْتَ إليها بسَقيٍ، أو إطعامٍ، أو وِقايةٍ مِن حَرٍّ أو بَرْدٍ، سواءٌ كانت لك، أو لغَيرِك مِن بني آدَمَ، أو ليست مِلكًا لأحَدٍ -فإنَّ لك في ذلك أجرًا عندَ اللهِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الإحسانِ إلى النَّاسِ؛ لأنَّه إذا حَصَلَت المَغفرةُ بسَببِ سَقْيِ الكلْبِ، فسَقْيُ بَني آدَمَ أعظَمُ أجْرًا. وفيه: فضْلُ سَقْيِ الماءِ وكَونُه مِن أعظَمِ القُرُباتِ. وفيه: التَّنفيرُ مِن الإساءةِ إلى البَهائمِ والحَيوانِ.
آية شريفة عن المحسنين: {إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ}
قول الله تعالى: ﴿إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ قال ابن القيم -رحمه الله- في تفسيره: فيه تنبيه ظاهر على أن فعل هذا المأمور به هو الإحسان المطلوب منكم، ومطلوبكم أنتم من الله هو رحمته القريبة من المحسنين الذين فعلوا ما أمروا به من دعائه خوفا وطمعا، فقرب مطلوبكم منكم وهو الرحمة بحسب أدائكم لمطلوبه منكم وهو الإحسان الذي هو في الحقيقة إحسان إلى أنفسكم.
فإن الله هو الغني الحميد، وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم.
وقال: وإنما أختص أهل الإحسان بقرب الرحمة منهم لأنها إحسان من الله أرحم الراحمين وإحسانه تعالى إنما يكون لأهل الإحسان لأن الجزاء من جنس العمل فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته. وأما من لم يكن من أهل الإحسان فإنه لما بعد عن الإحسان بعدت عنه الرحمة بعدا ببعد وقربا بقرب. نسأل الله من فضله ورحمته.
سمعت شروحات للشيوخ حفظهم الله ورحم الله الموتى منهم، فعرفت أن الاحسان إليهم عمل صالح يقرّبك للجنّة، وتذكّرت أن النية تعظّم العمل فأنووا الخير في كل عمل، فاللهم اسقِنا من شراب الجنة كما وفقتنا لسقاية مخلوقاتك اللهم وتقبّل منا.
أتمنى أعجبتكم التدوينة، واذكركم أني اروّض نفسي للعودة فسامحوني على ما ترون من أخطاء تعبيرية.
جميلة كلماتك، وتنفع كعرض لمن عنده أهل معارضين 😆
الحمدلله على نعمة الدين السمح الذي يؤجرك على قطرات تسقيها لحيوان
إعجابLiked by 1 person
إن شاء الله يرضون 😂😂 كنت أنا سابقًا من المعارضين 😂 الحمدلله كثيرًا طيبًا❤️
إعجابإعجاب