مرحبا..
قرأت قبل فترة كتاب أصنفه سياسي-حربي-معاصر أو واقعي للإنجليزي -الشهير برواية 1984- جورج أورويل، وأستَحق الكتاب أن أكتب عنه هذه السطور.
اسم الكتاب: تحيّة إلى كاتالونيا، للمترجم عبدالحميد الحسن، يأتي في 346 صفحة. يتحدثّ فيه الكاتب عن أحداث تلك السنوات في إسبانيا وتحديدًا كاتالونيا، في سنة 1937م حيث ذهب إلى أسبانيا مُخبّرًا عن مجريات الحرب الأهلية هناك، باسم مراسل حربي.
تناول الكتاب الكثير من السياسة والأطراف المتنازعة وأهدافهم، وأيضًا تحدّث عن الزملاء والاصدقاء الذين تعرّف عليهم في تلك الفترة، وعن زوجته وبعض لقاءاتهما.
كُتب في مقدمة الكتاب -وكذلك في غلافه الخلفي- أنه رواية أدبيّة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لأنها جنس أدبي متماسك داخليًّا ومتمتّع بالتشويق، ومتسلسل، فيشدّ القارئ حتى النهاية. سيرد القارئ على هذا السطر بجوابه الخاص عند إنتهائه من الكتاب.
هل الكتاب روايّة فنيّة أدبية، أم سيرة تقريرية وصفية؟
أثار هذا السؤال اهتمامي لدى قراءتي للمقدمة، علمًا بأن السؤال أعلاه كان مطروحًا في أفكار القارئ، ولم يجري طرحه بدعوى التساؤل، وإنما الوصف.
وحين انتصفت في قراءته استطعت تحديد تصنيف الكتاب. أجده يجمع بين كونه رواية واقعية وإحتوائه على قدرة الكاتب على الكتابة التقريرية الصحافية التأمليّة والوصفية، وإن كنتْ شخصيًا أميل للقول بأنها سيرة تقريرية ممتعة ومشوّقة.
ما يحدث أحيانًا، حين ينبثق الصبح من وراء القمم التي خلفنا، فإن أوائل الخطوط الذهبية الرفيعة، التي كالسيوف تمزّق الظلام، يتلوها مع تزايد الضياء محيطات من الغمامات القرمزية التي تمّتد إلى أقصى الحدود”
جورج أورويل
ميزة الترجمة
لم أجد للكتاب ترجمة غير ترجمة عبد الحميد، مما يعني إنعدام أسلوب المقارنة هنا. لكني مصرّة على التحدث عن المترجم فقد أبدع حقًا في الترجمة، وفي اختيار الكلمات المناسبة ووضعها في مكانها وأزال عني خوفي من وجود فجوة بيني وبين الكتاب الأصلي تمامًا. حتى أنني صادفت عدّة مرات كلمات فصحى جديدة عليّ ولم أفهم معناها إلا من السياق. جهود المترجم عظيمة جدًا. ولن أتردد مستقبًلا في شراء/ قراءة كتب تحمل ترجمته.
رأيي في الكتاب
كان شعوري كبير أثناء القراءة كأني في مذكرات شخص يعيش وسط الأحداث الحربية وبين الزملاء والقنابل، ويكتب ما أستطاع، حتى أنه تحدّث عن أشخاص كُثر ممن عرفهم في الجبهة والأماكن الأخرى التي انتقل إليها وعاد منها. لم يدخر حديثًا وأطال الحديث عن السياسة وأسباب الحرب حينها، لدرجة أني فكرّت في إعادة قراءة الجزء مرارًا ولم أعد.
تحدّث جورج عن كاتالونيا وشعبها، واصفًا إياهم -والأسبان بشكل عام- بالكرم، وتقديم حاجة الغريب السائل على حاجتهم، وعن شهامتهم ونُبلهم. وقد ذكر بأنه يحمل أسوأ الذكريات عن إسبانيا، وأجملها عن الإسبان!
وفي الربع الأخير -تقريبًا- من نهاية الكتاب، تحدّث عن إصابته بطلقة خطيرة وحساسة كادتْ أن تودي بوداع صوته للأبد، كان جزء مؤثر بالنسبة لي!
“كلّ من قابلت في المستشفى: الأطباء، والممرضات، والفنيّون، وحتى الزملاء المرضى، أكدّوا لي: أن الرجل الذي يُصاب في العنق، ثم ينجو، لا شك أنه أكبر محظوظ على قيد الحياة”
جورج أورويل
الكتاب بالنسبة لي كان ممتع ومشوّق، ومن الكتب التي أشكر نفسي على شرائها. وقد أعيد قراءته في المستقبل. صفحتي في قود ريدز Goodreads
أنصح به، كل من يُفضل ويهتم بالكتب والسير السياسية، والحربية وبخاصة المعجبين بأسلوب جورج أورويل. ولا يناسب المبتدئين. (سمعتم كتب صوتية من قبل؟ أنصحكم بالإطلاع على تدوينة تطبيق الكتب الصوتية Storytel)
شاركوني رأيكم في الكتاب، أو آخر ما قرأتم من الكتب، أتمنى أيام رائعة.
4 رأي حول “مراجعة كتاب تحية إلى كاتالونيا لجورج أورويل”